ملتقى العشاق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى العشاق ترحب بك يا زائر


    البجادين(رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    البجادين(رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) Empty البجادين(رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)

    مُساهمة من طرف  الجمعة سبتمبر 26, 2008 7:00 pm

    زادك الله من فضله , وشملك برحمته , وأحاطك بعنايته , كنا قد قرأنا سوياً بعض كتب السيرة , وحفظنا سوياً عدداً من الأحاديث , ولكن وجدنا أن قصص سيرة أصحاب النبي مفرقة , موزعة بين كتب السيرة الكثيرة وكتب المتون , ومن الصعب معرفة تمام قصة أحدهم إن لم نطلع على أغلب تلك الروايات المتفرقة بالكتب , ولما كانت رغبتك أن أجمع لك بعضاً من قصصهم , مع علمك بكثرة الشاغل وقلة الوقت , ولكنني لا أرفض لك طلباً , لمكانتك مني .
    لهذا بدأت لك – حفظك الله – بواحدة من تلك القصص , مغالباً الكسل , ودافعاً لرغبة التأجيل , واللهَ أسأل أن ينفعك بها.
    اخترت لك قصة رجل ترك نعيم العيش ولذته , وترك المال وفتنته , واستبدل بالترف شظف العيش , وبالمال قلته , وكان إسلامه أحب إلى نفسه من مال تليد وذهب مكنوز .

    ذو البجادين

    في شدة الحر , وغبار الصحراء , والعطش الذي يقطع النفوس , وقلة المؤيد , وعداوة القوم , خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم , مع صديقه الصدّيق أبي بكر مهاجراً من مكة إلى يثرب أو المدينة, وفي طريقهما رآهما عبد العزى وكان فتى صغيراً فعرفهما , عرف أن هذا محمد بن عبد الله الذي عادى قومه من أجل دينه , وذاك هو صديقه الصدّيق أبا بكر بن قحافة , استأذن عبد العزى أباه أن يدلهما على الطريق , فنهره أبوه ومنعه فلزم الصمت .

    ودعني أجول معك بين الروايات فأقص جملة من هنا وأصلها بجملة من هناك , فأجمع لك حكاية عبد العزى شبه كاملة . عبد العزى الفتى الذي رق قلبه حينما رأى النبي مهاجراً فأراد أن يدله الطريق , كيف سارت بهذا الفتى أمور الحياة , ثم كيف كانت نهايته.

    قالوا : أنه بعد موت أبيه ( عبد نهم ) نعم كان اسمه عبد نهم , كفله عمه ورعاه كأحد أبنائه , لم يقصر عمه في رعايته مع أن أباه لم يورث مالاً , ولا متاعاً , فأعطاه عمه المال حتى صارت له غنم وإبل ورقيق , ولكن كان هناك شئ راقد بقاع قلب عبد العزى , كانت نفسه تهفو وتتوق لهذا الرجل الذي رآه بطريقه مهاجراً إلى المدينة , كان يتشوق لسماع هذا الشئ الذي يتلوه من تبع محمداً .

    ظلت هذه الأمنية تراود عبد العزى مرات ومرات , بين الحين والحين , وكلما وقع نظره على أصنامهم عرف أنها باطل , ولكن كيف بعمه الذي كفله ورعاه ورباه وآواه .
    ظل عبد العزى ينتظر أن يدخل الإسلام قلب عمه فيتبعه ولا يكن بينهما خلاف , ولكن مرت الشهور تلو الشهور بل السنة تلو السنة ولم يسلم عمه , حتى جاء عام الفتح , وكان رجوع رسول الله من مكة إلى المدينة , فلم يستطع عبد العزى صبراً , وغلبته مشاعره ورغبته في الإسلام , وشملته رغبة الإيمان .

    كان عبد العزى ممن يحفظون الجميل , فكان يقدر جميل عمه معه حين رعاه فلا يجحد فضل عمه , وهكذا دائماً هم أهل القلوب النقية , ولكن رغبته في الإسلام كانت تدفعه للمصارحة , فقرر أن يصارح الجميع بما سيفعله وأن يعلن لهم أنه سيتبع دين محمد , فلا وقت للتخفي أو الإنتظار .

    انطلق عبد العزى إلى عمه الذي كفله ورعاه وقال له : ياعم لقد انتظرت اسلامك فلا أراك تريد محمداً فأذن لي في الإسلام .

    ولكن عمه غضب غضباً شديداً وقال : والله لئن اتبعت محمداً لا أترك بيدك شيئاً كنت أعطيتكه إلا نزعته منك حتى ثوبيك.

    لم يتردد عبد العزى ولم يفكر فيما سيفقده من نعيم العيش إن استرد عمه كل تلك النعم , فلقد كانت رغبته بالإسلام أقوى من كل اغراء وكان عزمه على اتباع النبي أكبر من كل مال وثروة .

    قال عبد العزى وقد فقد الأمل في إسلام عمه : أنا والله متبع محمداً ومسلم , وتارك عبادة الحجر والوثن , وهذا ما بيدي فخذه.

    بدأ العم في استرداد كل ما كان بيد عبد العزى , فاسترد الإبل واسترد الغنم واسترد الرقيق بل استرد كل شئ , ثم التفت إلى عبد العزى فوجده في ثياب حسنة فطلبها منه , ولم يتردد عبد العزى بل خلع الثياب وردها على عمه حتى أصبح عارياً تماماً .
    كانت أم عبد العزى كأي أم مشفقة على وليدها تظن في اتباعه محمداً ضرراً به , ولكنها لما رأت عزمه وتصميمه لم تجد بداً من تركه يفعل ما يراه صواباً .

    ولكن كيف سيذهب لمحمد وهو عار هكذا ؟ لم تجد الأم سوى (بجاد) أي كساء مخطط من صوف غليظ خشن , أعطته ولدها ليستتر به , فشقه نصفين , جعل نصفه إزاراً يستر به أسفل جسده , ونصفه يتشح به ليستر أعلى جسده , ثم انطلق لا يلوى على أحد لاحقاً برسول الله صلى الله عليه وسلم

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 4:59 am