ملتقى العشاق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى العشاق ترحب بك يا زائر


    اللهم إني أسألك السجن !!

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    اللهم إني أسألك السجن !! Empty اللهم إني أسألك السجن !!

    مُساهمة من طرف  الجمعة سبتمبر 26, 2008 6:56 pm

    اللهم إني أسألك السجن !!


    هي دعوةٌ ليست ككل الدعوات ..
    دعوةٌ بأن يرزق الله صاحـِـبـَها السجن و القيْد و تـُمنع عنه الحرية .

    دعوةٌ صادقة خرجتْ من قلب صاحبها ، سأل الله فيها أن يُزِجَ به إلى السجن ليعتزل الناسَ و يعتزلَه الناسُ .

    دعوةٌ صـاحــَــبـَـها يقينٌ من صاحــِــبــِـها بأن السجن لديه أحبّ من الحرية ..
    فارتفعتْ هذه الدعوة ثم فُتحتْ لها أبواب السماء فاستجابها عالم الغيب و الشهادة .



    أيُعقل هذا ؟!
    أيُعقل أن يدعو إنسانٌ عاقل ربَّه ليرزقه السجن ؟!

    نعم يُعقل و يُعقل إذا كان السجن حلاً لمشكلة و ملاذاً آمناً من الفتنة .

    يقول الله عز و جل { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) }

    فهل رأينا و سمعنا صِدْقاً أكثرَ من هذا ؟؟

    يوسفُ - عليه السلام - يسأل الله السجن حتى لا يقع في فتنة النساء .
    يوسفُ - عليه السلام - يسأل الله السجنَ حتى لا يصبو إلى النساء .


    رغم أنه قادر – عليه السلام – أن يهربَ من مصرَ بدون مشاكل .
    فلا أهلٌ له هناك ، و لا عشيرة ، و لا قبيلة ، و لا زوجة و لا أولاد .
    كان مجرّد عبد و خادِم عند عزيز مصر ..
    فلن يضرَّه شيءٌ إن هرب .

    لكن ..
    لكن الهرب من المشكلة ليست حلاّ لها .
    حتى تُحل مشاكلنا لابد من مواجهتا ، و نعترض طريقها ، و نبحث عن حلٍ مناسبٍ لها .



    أعود فأقول : لماذا سأل اللهَ يوسفُ السجن َ ؟؟

    يوسف – عليه السلام – سأل الله السجن حتى يكون بمعزلٍ عن الفتنة التي تُحيطُ به ..
    سأل الله السجن حتى يكون سعيد بمفرده لا يتعرّض له أحد .

    فمن منّا سأل الله السجن ؟!

    لا أقولُ سجناً محسوساً كسجنِ يوسفَ - عليه السلام –
    و لكن سجناً معنوياً .

    مـَن مـِنّا فكّر أنه إذا تعرّض لأمرٍ فيه فتنة سأل الله بصدق أن يعزله و يصرف عنه ذلك الأمر ؟؟

    كم من شابٍ مستقيم أو غير مستقيم تعرضتْ له فتنة النساء فخاض غمارها ..
    و كم من فتاةٍ مستقيمة أو غير مستقيمة تعرضتْ لها فتنة الرجال فخاضتْ غمارها .
    و أحيان كثيرة تكون البداية عفوية .. حتى يقعوا في الفتنة .

    لم يبيّن لهم الشيطان أن هذا طريق خطِر و أنه قد يحصل به الفتنة ؛ و إنما زيّنه لهم .

    بل ربما استشهدوا بقصص من السيرة و أحاديث نبوية و آيات عظيمة و استدلوا بها على صحة ما يفعلون !!
    و هم في تلك الفترة تعلو الغشاوةُ أعينــَـهم فلا يرون أنهم مخطئون .



    يُقضى على المرء في أيام محنتهحتى يرى حسناً ما ليس بالحسنِ

    و قول الله أبلغ و أحسن :
    { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ }

    و بعد ( أن يفوقوا من السكْرة تأتي الفكرة )
    ثم تندم المرأة و يندم الرجل على ما فعلوا .


    لذا أقول من رأى من نفسه ضعف و عدم قُدرة على مواجهة الفتنة فليعتزلْ و ليقلْ (( اللهم إني أسألك السجن ))

    سجناً معنوياً يبعده عن الدخول في بحر الفتنة و هو لا يُجيد العوم و ليس لديه ( قارب نجاة ) ليسير به .

    ليسأل الله أن يحبسه عن ما يوقعه في الباطل و الفتنة أيّاً كان ذلك الأمر .

    و أنا لا أخص الحديث عن الفتنة ( بين الجنسين ) و لكن أتحدّث عن كل أمر يرى صاحبُه أنه لن ينجو منه إن غامر و جرّبه .
    و الإنسان أدرى بنفسه { بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) ْ}
    و يعلم ما ينفعه و ما يضرّه ..
    على الأقل يكون متيقـّـن داخل نفسه بضرر ما يفعل و إن أظهرَ للناسِ عكسَ ذلك .



    لنفعل كما فعل يوسفُ – عليه السلام - ..
    ضحّى بلذة الحرية ، و لذة العيش في قصر العزيز .
    ضحّى بكل الملذات من أجل أن يحفظ نفسه و يحميها عن الوقوع في فتنة النساء .

    فهل سنشاهد مشاهد مكررة ليوسف – عليه السلام - ؟؟

    و ليتذكّر كل من أُبتلي بذلك ، النهايةَ السعيدة لقصة يوسف ، و ليتأملْ كيف صار شأنه و أمرْهُ في الناس بعد أن كان عبداً مملوكاً .

    { وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) }

    و طبعاً [ من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه ]



    أخيراً :
    خطوات دخول السجن !
    (1) سؤال الله عز و جل بصدق و الإلحاح عليه بأن يعصمه و يقيه من شر نفسه و من شر ما قد يفتنه في دينه و يوقعه في الإثم .
    { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ }

    (2) اعتزال المجتمع الذي يدفعه للإثم و الوقوع فيه ( أيــّـاَ كانت نوع المعصية )
    { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) }

    (3) قطْعُ العلاقاتِ نهائياً ( سواءً كانت غير شرعية أو صداقة لا ترضي الله سبحانه )
    { وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ }

    (4) نسيان تلك المعصية تماماً و الإقبال على الله بصدق و الاعتراف بالذنب لله .
    { قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) }

    (5) ليكن عندنا يقين أن من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه .
    { وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57) }

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 1:38 pm