ملتقى العشاق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى العشاق ترحب بك يا زائر


    (((من ثمرات الإيمان))).

    avatar


    تاريخ التسجيل : 31/12/1969

    (((من ثمرات الإيمان))). Empty (((من ثمرات الإيمان))).

    مُساهمة من طرف  الأربعاء أكتوبر 15, 2008 5:50 am

    ((( مـن ثمـرات الإيمـان )))

    لا يخفى على أحد – من المنصفين – أن للإيمان بالله سبحانه وتعالى ثمرات كثيرة ، وفوائد جمة ، وهذه الفوائد لا تنحصر في الفوز بالجنة والنجاة من النار { يوم لا ينفع مال ولا بنون } بل أن هذه الثمرات والفوائد يجنيها الإنسان في الدنيا قبل الآخرة ،وفي الحياة قبل الممات.
    ولا يمكننا في هذا( المقال المختصر) أن نحدثك عن جميع هذه الفوائد، إذ أن ذلك يدعونا إلى الخروج بمؤلف كبير، وذلك لسعة الموضوع وتشعبه ، لذا رأينا أن نكتفي بذكر بعض تلك الآثار والثمرات ولن نطيل كثيرا لأننا سنتكتفي بذكر فائدتين فقط لاأكثر :
    1 / أن الإيمان بالله تعالى يمنح الإنسان الحرية والاستقلال، ويجعله غير خاضع لأي قوة وسلطة في الوجود،غير قوة وسلطة الخالق العظيم عز وجل .
    ذلك أن الإيمان بالله يعني الاعتقاد بأنه لا رب لهذا الكون بما فيه إلا الله.
    لأنه تعالى الخالق والمالك لكل شيء ، وليس هناك أحد غيره سبحانه يملك لنفسه أو لغيره ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياة ولا نشروا .
    كما أنه ليس هناك من هو مستقل بنفسه قائم بذاته ، غير محتاج إلى غيره إلّا هو جل وعلا .
    فحتى الأشياء التي نملكها ونتصرف فيها هي – في الواقع – لا تخرج عن ملكه وسلطانه .
    فنحن وما نملك ملكه وعبيد له جلت قدرته وعز شأنه .
    وبهذا يتضح لنا أن الله تعالى هو المالك الحقيقي لنا ملكاً تكوينياً لا حول لنا فيه ولا قوة .
    وبهذا الملك التكويني أصبحنا عباداً داخرين له عظم سلطانه سواء عبدناه أم كفرنا به أطعناه أم عصينا أوامره عرفناه أم جهلنا قدرته.
    وهو سبحانه المالك لنا ملكاً تشريعياً.
    فله الحق في أمرنا بما يشاء ويريد، ويجب علينا السمع والطاعة والامتثال .
    وهذا يعني أن حق التشريع وسن القوانين والأحكام، منحصر فيه وحده جل وعلا ، وليس من حق أحد – كائناً من كان – أن يشرع لنفسه أو لغيره شريعة أخرى تخالف شريعته سبحانه وتعالى.
    لذا نجد أن الله عز وجل قد انتقم من الذين نازعوه سلطانه ونصبوا أنفسهم آلهة للناس دونه جل وعلا، فأخذوا يشرعون ويحللون ويحرمون كيفما شاؤوا، كفرعون ونمرود وأمثالهما من الطغاة المجرمين المتجبرين في الأرض بغير الحق .
    كما شنّع سبحانه على الذين حادوا عن الفطرة وانحرفوا عن الصراط المستقيم ، فكفروا أو أشركوا بربهم واتخذوا لأنفسهم آلهة وأرباباً يعبدونهم من دونه ويتبعون تشريعاتهم وأحكامهم المخالفة لتشريعاته والمغايرة لأحكامه جل جلاله . كاليهود والنصارى الذين حدثنا الله عنهم وأخبرنا بشأنهم في قوله الكريم : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون }.
    فقد ذكر المفسرون لهذه الآية الشريفة أنه ليس المراد من( الأرباب) أنهم اعتقدوا فيهم أنهم آلهة العالم ، بل المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم فعبدوهم من حيث لا يشعرون .
    ويؤيد ذلك ما روي من أن عدي بن حاتم كان نصرانياً(قبل أن يسلم) فانتهى إلى رسول الله (ص) وهو يقرأ سورة (براءة) فوصل إلى هذه الآية قال عدي : فقلت: لسنا نعبدهم ؟؟!!.
    فقال (ص) :أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ، ويحلون ما حرم الله فتستحلونه ؟؟!!.
    فقلت: بلى .
    فقال (ص): فتلك عبادتهم .
    وهكذا نرى أن الإيمان يمنع الإنسان من استعباد الإنسان ، ويمنحه حريته ، ويجعله غير خاضع لأي سلطة في الوجود غير سلطة المولى الباري جل وعلا .
    2 / أن الإيمان يربي الإنسان ويهذب نفسه ، ويقوم سلوكه ، ويغرس في أعماقه ووجدانه حب القيم والمبادئ الكريمة ، التي تدعوه إلى التمسك بمكارم الأخلاق ومحاسن الآداب والتحلي بالفضيلة والتنزه عن الرذيلة .
    كما أنه السياج المنيع والحصن الحصين الذي يحمي الإنسان من الانزلاق في متاهات الشيطان ، والوقوع في أحضان الرذيلة والفجور ، والانسياق وراء الشهوات والغرائز واتباع ميولات النفس والهوى… وبالجملة فإن الإيمان هو المخلص للإنسان من حياة البهيمية والحيوانية والشيطانية ، والموصل له إلى أعلى درجات الكمال الإنساني ،ليكون إنساناملائكيا يمشي على الأرض.
    فنحن نعلم أن التشريعات الإلهية والقوانين الوضعية لا يمكنها أن تدفع الإنسان نحو عمل الخير أو تردعه عن فعل الشر، مالم يكن ذلك الإنسان من الملتزمين بالدين المؤمنين بالله العظيم .
    فلو أخذنا جريمة الزنا – مثلاً – لرأينا أن التشريعات الإلهية تقضي بجلد الأعزب ورجم المحصن ، كما أن الله تعالى توعد الزناة بالعذاب المهين يوم القيامة ، وأيضاً فإن هناك بعض القوانين الوضعيةالتي تنص على معاقبة من يرتكب هذه الجريمة البشعة بالسجن أو الغرامة المالية أو ما شابه ذلك ، ثم جاء الطب ليكتشف بعض الأمراض المترتبة على الانحراف الجنسي( كالسيلان والإيدز) وغيرهما ، هذا بالإضافة إلى ما يخلفه الزنا من المشاكل الاجتماعية الكثيرة الخطيرة، كهتك الأعراض ، واختلاط المياه في الأرحام وضياع الأنساب ، وهدم البيوت وتفكك الأسر ، وانتشار أولاد الزنا في المجتمع وتحولهم إلى منحرفين ومجرمين نتيجة فقدهم لحنان الأبوة وعطف الأمومة وعدم حصولهم على العناية والرعاية والتربية والتوجيه .
    لكننا ـ في المقابل ـ نرى أن هذه التشريعات الإلهية ، والقوانين الوضعية وكذلك هذه الأمراض الصحية والاجتماعية التي يسببها الزنا، والتي تهدد حياة المنحرفين جنسياً بالموت والفناء ، وتنذر المجتمعات والشعوب والأمم بالدمار الشامل الذي لا يبقي ولا يذر ، لم تستطع أن تمنع هؤلاء المنحرفين من ممارسة شذوذهم الجنسي الذي لا يعترف بحدود .
    ولو فتشنا عن أسباب اندفاع هؤلاء المنحرفين نحو إشباع غرائزهم الجنسية عن أي طريق كان ، رغم معرفتهم بتلك التشريعات الإلهية والقوانين الوضعية التي تحرم الزنا، وسماعهم بذلك العذاب العظيم الذي أعده الله للزناة يوم القيامة، واطلاعهم على عواقب الزنا الوخيمة صحيحاً وفكرياً واجتماعياً ، لما رأينا سبباً يدفع هؤلاء المنحرفين إلى هذا الانحراف والشذوذ غير انعدام الوازع الديني لديهم وعدم رسوخ الإيمان بالله في قلوبهم .
    ومما يؤكد لنا هذه الحقيقة ما نراه في واقع الحياة المعاش من تنزيه المؤمنين لأنفسهم عن ممارسة هذه الرذيلة وغيرها، ليس خوفاً من العقوبة فقط ، بل استجابة أيضا لنداء الإيمان الذي عمر قلوبهم ورفعهم إلى التسامي عن كل رذيلة والتحلي بكل فضيلة ، كما نراه جلياً في قصة نبي الله يوسف (ع) الذي عرضت زوجة العزيز عليه نفسها فراودته عن نفسه { وغلقت الأبواب وقالت هيت لك }.
    ولكن إيمان نبي الله يوسف العميق بالله جعله يتسامى بنفسه ، ويترفع عن الانحطاط إلى هذا المستوى المهين من الرذائل .
    فما كان منه إلا أن أجابها قائلاً :{ معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون }.
    ولما هددته بالسجن إن لم يفعل ما أرادت لم يكن منه إلا أن : {قال ربِ السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه }.
    إذن فالإيمان هوالذي يجعلنا نعرف قدرأنفسنا وقيمة إنسانيتنا ،ممايؤهلنا إلى الترفع والتسامي عن الوقوع في ما لاينبغي لنا أن نقع فيه .
    ولو ذهبنا نستقصي جميع فوائد الإيمان وثمراته، لطال بنا المقام وربما احتجنا إلى تأليف كتاب ، لذا رأينا الاكتفاء بما ذكرنا آملين أن يكون فيه الخيرالكثير والنفع العميم .

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين أبريل 29, 2024 2:26 am